الجمعة، 8 مايو 2009

الخيط الرفيع


الخيط الرفيع

_______________________________


الحق أقول لكم دائما أبحث عن خيط رفيع فى كل ما حولى أبحث عنه فى نبرة من يتحدث إليّ لأعرف مكامن نفسه

ابحث عنه فى إلتماعة عين فى ضؤ نجم فى هدير موج فى أنفاس الغضب فى لمحات الحب

دائما هناك خيط رفيع فأبحثو معى عن الخيط بين الأضداد لأنى ارى أن الخيط سيكشف لنا أن الاضداد هى جوهر التوحد

وأن ذاك الخيط هو الجسر الذى يصل بينهما فننتقل من اليأس إلى الرجاء ومن الظلمة إلى النور ومن الجهالة إلى العلم

فلولا الأولى كيف كنا سنصل إلى الثانية


خيط بين الظلمة والنور

******************

ففى الظلمة نرى نور مختلف نبصر فيه عمق نفوسنا فنبدو عراة تماماً من زخارف زيفنا

ونمعن فى البحث عن حقيقة نثبت بها أننا نستحق الإستمرار فى حياتنا

ولذلك معظمنا يكره الظلام فقط لأننا وسط الظلمة نرى نورا خفيا نبصر به وجوهنا بلا زيف

لأن الظلام يحمل نور الحقيقة وتلك الاخيرة هى ما يفزعنا دائما

والنور .... يبعث الطاقة فى الجسد لكنه يسربل الروح فى أكفان خيوطه

فننطلق فى النهار أجساد بلا أرواح

ولذلك نحن نعانى من الذكرى بعمق أثناء الليل وكلما ازدادت الظلمة إزداد الشعور بالحب أو الشوق أو الخوف

أما فى النور فنحن نبصر لكن لا نرى


خيط بين اليأس والفرح

**********************

اليأس... : شعور قاسٍ للغاية يضغط على الروح بعمق حتى تختنق

فهو جوهر العناء وغاية الألم

يسحق العقل سحقا فيعجز عن التمييز تحت ضرباته

ولذلك سمى الله اليأس كفراً

والفرح... : له نفس الأثر ففى نشوة الفرحة دائما تغيب الحقائق ويخرس صوت العقل

عندما تشتد فرحتنا بمن نحب نعجز عن أن نرى حقيقته واضحة ونغفل عن نواياه وقبح ضميره

لأننا فرحنا بما كنا نرجو فكان الفرح قتلا للعقل

ولذلك قال الله إن الله لا يحب الفرحين

وفارق بين الفرحة والسعادة

الفرحة : هى شعور ثائر فوار يشبه الشهوة يعلو ثم يخبو

أما السعادة فهى شعور هاديء ثابت يمتلك النفس كلها

الفارق بينهما يظهر فى حمق الجماهير وهى تصرخ عندما ترى لعبة رائعة أو راقصة تتكسر على خشبة المسرح هذه فرحة

تزول سريعا

أما السعادة : فتراها فى عين الأم وهى تنظر لوجه طفلها بهدوء

وفى قسمات الصالحين وهم يرتلون آيات الحب فى محراب قدسى تسافر فيه أنفسهم إلى ظل العرش

.

خيط بين الجهالة والعلم

*********************

الجهالة ...: هى دائما ذاك الطريق الذى يحملنا إلى واحات العلم فعندما نعلم جهلنا نكون قد أدركنا أعظم الحقائق

لأن العالم الحق هو الذى يدرك أنه لا يزال يجهل

فعندما يظن أنه قد عَلِم َ فقد جَهِل . !!!

فعندما ظن آدم أنه يعلم ما يريد وقرر أن يأكل من الشجرة

وقع فى جهالة المعصية

وعندما علم بجهله وفقره إلى الإله القدوس هنا علم الحقيقة وهى أنه لا يعلم ولذا قال الله له عفوت عنك

ظن موسى أنه يعلم فأمره الله بإتباع الخضر فلما رأى أعاجيب صنيعه ظن أنه يعلم فتحدث بغير علم

وانتقد بمحض الظن فخسر رحلته مع الخضر

فلما علم أنه لا يعلم قال الله له إصطفيتك ياموسى


خيط بين القيد والحرية

*************************


الحرية ... : هل هى أن تفعل ما تريد أم أن تتخلص مما لا تريد

أرى أن الحرية هى قوة الإرادة وذاك لا يتحقق إلا بتحطيم القيود فلكى تحصل على القوة لا بد أن تمحو الضعف إذاً لولا الضعف لما تحققت القوة

ولولا القيد لما عرفنا عنى كلمة الحرية

اذا لم يكن هناك الأسود فكيف كنا سنعلم أن الأبيض هو حقاً أبيض

فلولا الأضداد لأختلت المعانى ولذا جعل الله الايمان يبدأ بالكفر

فقال ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى ) فلا بد أن تكفر أولا بالكفر لتصبح مؤمنا ً

وأعظم كلمة ( لا إله إلا الله )

فأولا تقر بأنه( لا إله ) فتنفى وجود كل رب ثم تثبت رباً واحدا وبدون هذا النفى لا يتحقق ذاك الإثبات

وكذلك القيد والحرية فالقيد هو من يعلمنا أننا لسنا أحراراً وساعتها نصير أحراراً

ولذلك أنا أعشق صمت الوجود لأنه يمنحنى قوة البحث وعمق الفكرة فقيود صمته تحطمها حرية تساؤلى

فأبحثوا عن القيد أولاً لتعلموا مما ستتحررون

وما أعجب من شيئ كعجبى من جاهلٍ ينكر على من يبحث أن يسأل


خيط بين الضعف والقوة

*********************

الضعف.... : ليس أن تفتقر أو تعجز عن فعل ما تريد بل الضعف هو ألا تستطيع ألا تكف عما تريد

الضعف ليس الترك بل الضعف هو الأخذ

ولذا فإن أعظم القوة فى رؤيتى ليس أن تفعل ما تحب بل أن تمتلك القوة على الإستغناء عما تحب

شخصياً كنت دائماً منذ صغرى أتدرب على هذا فعندما أشعر برغبة كبيرة فى أن اتناول الماء أقول لنفسى هل تستطيع أن تمسك بالكوب ثم تتركه وعندما كنت أنجح فى ذلك كنت اشعر بسعادة غامرة تنسينى ألم العطش

وبعدها صرت أتحدى كل ما أتمناه غير أنه ليس شيء بلا ثمن

فقد أفقدتنى هذه القوة شعورى

فصرت لا أشعربلذة أكثر الاشياء فما أحصل عليه لا يمتعنى وما أفقده لا يؤلمنى

فصارت قوتى ضعفاً عندما صار ضعفى قوة

ألم أقل لكم أن كل شيء فى كل شيء

!!!!


خيط بين أنا وأنت
****************

كم تعب علماء النفس فى تحقيق الفهم بين الأنا والاخر

نحن نحتاج دائما إلى غيرنا لأن أنفسنا وأرواحنا تضج بقيد الجسد وتبغى أن ترتحل دائما فنبحث عن الاخر لنمنحه حبا يحل به أو نصب عليه بغضا ليحل أيضا به نكتب ونحتاج لمن يقرأنا لنحل بعقله نرسم ونحتاج إلى من يبصرنا لنحل بعينه

لولا أنت لما شعر الأنا بآنيته

بل لولا أنت ما كان أنا


بقلم
_________________

نورالدين محمود