الجمعة، 21 ديسمبر 2012

قهوة على الريحة ..




تنبــيه : هذه القصة من أحب ماكتب قلمى إلى قلبى .. أو ربما من أحب ماكتب قلبى إلى قلمى !!

توضيح : هذا ليس النشر الأول لها .. لكن بعض الكلمات تأبى أن تسكن الرماد لأنها حية بالصدق .. الصدق لايموت

تحذ،ير : حاذر أيها العاشق من أمنياتك ، وأعلم أن الهلكة بنت الأمانى
لاتطلب البعيد .. ليس لأنه صعب ، ولكن لأنه قد يأت .. فيذبحك .
كن على حذر من الأحلام .. فقد تتحقق.

هكذا كانت القصة
***********
فتحت درج مكتبى وأودعته حقيبتى وقررت أن أمنح نفسى للهواء إلى حيث لا أدرى كنت بدون الحقيبة أخف وزناً وأكثر حرية ،أحمل فى جيبى ورقة صغيرة وقلم أسود حتى إذا هاجمتنى خاطرة سلسلتها بسطورى .
مضيت أتيه فى تلك الطرقات المتشابهة أطالع الأسفلت الخاضع تحت خطواتى المتئدة ، عينى تسبح فى المسافة مابين مقلتى والحذاء ،أنظر من أعلى بشكل عامودى كأنما انظر من انبوب يحاصر البصر فلايلفت إنتباهى شيء من تلك الكائنات المتحركة على قدمين ولا اكترث لأبواق السيارات التى تخترق مسامعى كأنما تسبنى : أن إنتبه أيها الأحمق !!
لابأس فلتنتبه السيارات أو لتدهسنى حتى، أما أنا فلن أغير المسار فمن عجز عن تغيير مصيره لايعبأ بتغيير مساره !
سأظل أنظر من أعلى لأسفل اراقب قدمى وهى تتبادل الخطوات مرة يمينى تسبق شمالى ومرة شمالى تسبقها
لا أدرى متى ولاكيف وجدت نفسى واقفاً أمام ذلك المكان الذى جمعنا ذات أمل منى وذات تحدٍ منك.. تـُراكِ كنتِ تتحدين نفسك وتثقين بقدرتك على أن تنظرى بعمق عينى ثم تقولين وداعاً ؟
لابأس أحسنت ياحبيبتى فقد كسبتِ الرهان .

إقتربت من بوابته الزجاجية فانكمشت داخل ذاتها دون أن أدفعها بيدى أو أركلها بقدمى ، كبوابة سحرية ألقيت عليها كلمة المرور فاستجابت للسيد القادم ، ابتسم عامل الإستقبال فلم ابادله ابتسامته فلازالت عينى مصلوبة على وجه حذائى ، صعدت الدرج القصير فاستقر بى الصعود بالطابق الثانى ، أبحث عن الطاولة الأولى التى جمعتنا بلقاءنا الأول ، كانت تجلس يتيمة بين أخواتها معظم الأماكن مستعمرة برواد المكان ،وحدها كانت تنتظرنى بجوار النافذة، تقبع بإنتظار صاحبيها وفّى أحدهما بالوعد وخان الآخر !!
إبتسمت الطاولة لقدومى وامتلئت عينى بالدموع !
فرحت أنها كانت أوفى منك واختارت إنتظارى ولم تعبأ ببرد وحدتها .
جلست على الكرسى الذى استقبلنى أول مرة وبقى كرسيك شاغراً إلا من عطرك .
نظرت له مالى أراك حزيناً أيامقعد الغائبة ؟
فقال: أين هى ؟
قلت له لاتسلنى عنها أما يكفيك وجودى ؟
إضطرب الكرسى: لكن العقد مختومٌ بثلاثة أبطال أنت وهى والطاولة ، فأين هى ؟
قلت له : رحــــــلت .

أنهيت حوارى سريعاً مع المقعد حتى لا أبدو كمجنون أمام العيون المتلصصة !
مررت بكفى على وجه الطاولة أبحث عن أثر أناملك الطويلة كمن يكشف سر البصمات ، بصمتك على روحى قد استقرت والجناية مكتملة الأركان والدم يشهد ضدك ،كل الأدلة تدينك ياحبيبتى مدينة أنت بقتل الأمل والعمالة لدولة الخوف !
خنتِ وطن الرجاء وبعتِ نفسك فى سوق الواقع المضمون وتركت مملكة جنونى المشروع !!
حضر النادل النحيف الذى كان يبتسم لنا حين أراوغه :(أحضر لنا قهوة على الريحة ) لكن حاذر نحن نكره السكر لاسيما أن أمامى قارورة سكر مصفى ، فأخذ يدون فى دفتره ماطلبت منه وتذكرتك وأنت تتشبثين بى كطفلة : أكد عليه أن تكون على الريحة فكلما طلبتها كذلك قدموها لى (زيادة) .
فنظرت لك بثقة تسمينها أنت "غلاسة" : لاتقلقى فأنا من طلبت وليس أنت ولن يعصوا أمرى .
وجاء النادل بفنجالين كنت أرتشف قهوتى ببطء لأنى أرقب شفتيك وأخال أنى أرتشفك أنت لا القهوة ولم أكن فى عجلة من أمرى لأفرغ من شفاهك أو القهوة ، بينما أنهيت أنت مهمتك سريعاً دائماً على عجلة أنت من القدر ومن القهوة أيضاً !!

توقفت عن الذكرى وأيقظ خيالى ضجيج مقعدك الشاغر !
فأمسكت بالقلم والورقة الصغيرة وأخذ القلم يدور فى خطوط متعرجة تاهت حروفى ولم تسعفنى الكلمات ، ماذا سأكتب فى الصفحة البيضاء قدرها أن تبقى بيضاء إلا من جرح ودمعة وبقعة حبر مبعثرة !!
المكان صاخب بمن فيه لكن لا أسمع ضحكاتهم ولا أحاديثهم ممتليء أنا بغيابك الجاثم على قلبى ، أخرجت جوالى وكدت أهاتفك أو أبعث لك برسالة أنا هنا فتعال ِ !!
ولكن تذكرت وعدى لك فأعدته لجيبى صامتاً بيأس كما أخرجته صامتاً بأمل .
لقاءنا الثانى والأخير كان علامة ياسيدة العلامات ، هل تذكرين كيف كان لقاءاً مضطرباً عندما لم نجد طاولتنا الأولى وترددنا على كل الأماكن ونحن نغير الطاولة لمرات ثلاث كأننا نرفض أن يجمعنا مكان جديد !!
كأنه لايسعنا إلا ماكان وما فات وما انتهى
كان المكان قلِقاً والجو خانق والعجائز تملأ كل الكراسى ، عجائز متصابيات كقصتنا العجوز التى تمتد فى عمق الذاكرة وجوف السنين لكنها عجوز بكر، متى تصبح قصتنا عروس تحيط بها الدفوف ؟!
البرد يدق عظام الأمل والوحدة تصفق كل الأبواب فى وجه الرجاء والريح تعوى فى أذنى أن غادر المكان أيها الـ " طيف القديم" !
ووحدى هنا أستعيدك من بين مخالب الماضى ، وحدها الذكرى صارت ملكاً لى ، هل يمكنك أن تهربين من خيالى أيضاً ياسيدة الهروب الكبير ؟

نضب الفنجال ونبهنى البن العالق بشفتى أن نصف الوقت قد إنتهى فوقتى كان معك على مقدار فنجالين وفقط !!
ناديت النادل أن أحضر لى باقى القصة ، فقال عفواً لا أفهم !!
فقلت له عفواً أحضر لى فنجالاً آخر لأنتهى من هذا اللقاء .
لقائين فقط جمعا بيننا وهاتف الليل القديم ثم جاء وقت القطيعة الكبرى
مرة قررت ألا أكون لكِ ومرة قررتِ ألا تكونين لى ، فهل أصبحنا شركاء فى دم الأحلام ؟

حضر النادل بالفنجال ولازال مقعدك شاغراً يفتقد جلستك الأنيقة ساقٌ على ساق وعين خائفة وأنامل مضطربة عابثة تفضح أنثى على شفير الحب وسيارة تنتظر بالطريق الضيق لتقل الحلم إلى مثواه الأخير !!

إرتشفت جرعة واحدة ثم فوجئت بجسد ينتصب أمام الطاولة يمد يده مصافحاً ، إنها صديقة قديمة قادها حظها لمكاننا ، صافحتها بيد باردة فلم يكن الوقت مناسباً للقاء الأصدقاء القدامى ،هذا وقت للذكرى وحدها .
سألتنى هل تنتظر أحداً ؟
فنظرت لكرسيك فطأطأ رأسه خجلاً ، فقلت لا
لا أنتظر أحداً فلن يأتى أحد .
فعرضت أن تشاركنى الطاولة ، فاضطربت لطلبها
كيف أهدى مقعدك لامرأة سواك .. فوجودك يفضح قبحهن وغيابك أيضاً .
صمت ولم أرد على طلبها المزعج ونظرت لكرسيك مرة أخرى فهز رأسه متوسلاً لا ، فهززت له رأسى مطمئناً لاتخف
لن أخونك
إعتذرت منها عفواً لايمكن فأنا سأغادر فوراً، والفنجال يفضح كذبى فلا زال مترعاً بقهوة على الريحة!!
لكن لابأس أن أبدو فظاً سخيفاً ، لكن لايمكن أن أخون مقعدك بأن أهبه لأخرى !!
الكرسى لايمكن إلا أن يكون لك أو الذكرى
غادرت الطاولة والمقعد يتيم بدونك والفنجال يتيم بدونى
هكذا كل مابيننا مقدورٌ عليه ألا يتم
___________________

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

المقدمه تقول الكثير
و القصة جميله بديعه رائعه
أفضل ما يمكن أن تهديه لحبيبه خائفه
و أجمل ما يمكن أن تكتبه لحبيبه بعد الإقتراب
_أنت حقا كاتب مدهش

الـسـيـدة نـون يقول...

القصة قد تكون مكررة على المستوى الانساني
ولن تجد احداً لم يمر بقصة مشابهة

ولكن ما يميز حكايتك حقا
هو اسلوبك الادبي

سلمت اناملك يا صديقي
:)

سلام
اختك خيخة

Manar يقول...

تمنيت ألاّ تنتهى ..
فلازالت طاولة الذكرى خاوية .. قيد الانتظار ..